أشار نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ علي الخطيب، الى انه "يمكننا تفسير ما وصلت إليه أمتنا من الضعف والوهن حين تحوّلت لتكون أمة السلطة التي يضيرها أن تملك الأمة حريتها الفكرية والثقافية حين تحوّلت وظيفة الحكم الى سلطة ومن أداة تحمي هذا المبدأ إلى هدفٍ توظّف لحمايته الأفكار والمبادىء، فانقلبت بذلك الموازيين وافتقدت الأمة أهم عوامل قوتها وثباتها وخسرت معاركها التي خاضتها مع اعدائها لأنها سيقت لخوض معارك السلطة وليس لخوض معاركها الحقيقية لاستعادة الحكم من السلطة ليقوم بدوره في حماية حركتها الفكرية والثقافية وتنزع عنها عبودية السلطة التي سلبتها القدرة على المبادرة".

وتابع خلال خطبة الجمعة، :"نستعيد اليوم ذكرى صنعتها المقاومة وهي ذكرى الخامس والعشرين من أيار الذي يُشكّل يوماً مجيداً في تاريخنا المعاصر تَمَكّن فيه شعبنا من انتزاعِ نصرٍ تاريخيّ استحق بجدارة أن يُتخذ عيداً ليس وطنياً لبنانيا فحسب بل عيداً قومياً وإسلامياً يفتخرون به، فهو يُشكّل مخاضاً للأمة لتستعيد سلطتها وتفرض وجودها وتستعيد دورها في الوقت الذي تخوض فيه معركتها مع الصهيونية العالمية، فهذا الصراع في حقيقته صراع عودتها للإمساك بزمام أمورها حقيقته صراع بين أمة السلطة وبين سلطة الأمة، بين أمة السلطة التي تتخذ من المذهبية سلاحاً لها بدأ بانحسار مفاعيله لصالح الامة مع طوفان الاقصى ومساندة قوى المقاومة التي توحَّدت في المواجهة لتتجاوز المذهبية كعامل يعيق مسار عودتها لتلعب دورها باستخدام المذاهب بما يتجاوزه بل ويتناقض معه في أن تلعب دور الموحّد بين طاقات الأمة وتوظيفها في خدمة أهدافها، وهو ما تؤديه المقاومة اليوم فتُعيد المذاهب لتلعب دورها الحقيقي".

واعتبر الخطيب ان "المشكلة ليس في تعدّد المذاهب، فهي مدارس متعددة في تفسير الإيمان وشروطه، وهي مسألة فردية للعلاقة بين الإنسان وربه، أما الإسلام فهو الذي عليه التعامل والتعاطي بين المؤمنين جميعاً، فالمسلم أخو المسلم إن احب أو كره، والاختلاف في تفسير الإيمان لا يجيز التكفير ولا يُبرّر إخراج أحد عن الإسلام، وهذا أحد أهم إنجازات المقاومة، وهو أكثر ما يغيظ أعداءنا الذين يقفون وراء إثارة النعرات المذهبية على وسائل التواصل الاجتماعي أو يستفيدون ممن يُثيرها ويَنجرّ إليها بحجة الدفاع عن مذهبه أو عن أحقيته".

ورأى الخطيب ان "الواجب اليوم هو الإقلاع عن هذه المهاترات التي توجب الفتنة ولا يستفيد منها الا الأعداء، والا فلماذا أُثيرت بعد انتصار المقاومة في الخامس والعشرين من أيار والى الآن ؟ أليس ذلك إلا للحؤول دون التداعيات التي سيرتبها على هذا الانتصار ونصل الى هذا اليوم الذي تُذيق فيه غزة والضفة الغربية والشعب الفلسطيني وقوى المقاومة العدو الذلّ والهوان لقوى العدوان ممن يقف خلف العدو الاسرائيلي، وينكشف زيف الشعارات التي رفعها الغرب وتصبح إسرائيل معزولة دولياً ويُتهم قادتها الجزارين أمام المحاكم الدولية بارتكاب الجرائم لأول مرة ؟!!!.ومن كان يجرؤ في العالم قبل طوفان الاقصى على التحدث بسوء عن هذا الكيان؟ من كان يحلم أن يرى يوماً أن فلسطين ستكون الحدث الاول في اهتمام العالم؟ وأن يُرفع علم فلسطين في أغلب دول أوروبا وجامعاتها ثم يقرر بعضهم الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فهل تحقّقت هذه الانجازات بفعل القرارات الدولية ام بتضحيات الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة؟.

واضاف :"لقد كان الأحرى باللبنانيين أن يكونوا أول من يعتزّ ويحتفل بأنه كان المؤسس لهذا الإنجاز، ولكن البعض للأسف اختار أن يستعدي المقاومة وأن يعمل على تخريب البلد ويستدعي أعداء لبنان والمنطقة لحصار لبنان وعمل على شيطنة المقاومة وإثارة المخاوف الطائفية وتسبّب بالأذى للبنانيين والمشاكل الاقتصادية وأعان على سوريا وشتّتَ أبناءها وتسبّب بنزوحهم إلى لبنان، ولكن هل تحقق ما أردتم؟.لقد كنتم يداً للغرب الصهيوني في العمل على توسيع شقّ الخلاف بين الدول العربية وايران وحاولتم إثارة المخاوف منها ولكن بئتم بالفشل الذريع، فالعلاقات العربية الايرانية اليوم في تحسّن وتقدم مستمر وخصوصاً بين السعودية وايران".

واكد ان "ايران أثبتت صدقها وإخلاصها لقضايانا سواءً للقضية الفلسطينية أو للبنان بدعمها السخيّ واستعداداتها اللامحدودة لتقديم العون في كل المجالات للبنان مع ما كلفها ذلك من أثمان سياسية واقتصادية وعسكرية دون أن تتراجع أو تتوانى وأثبتت بعد ان راهن البعض على أنها لن ترد على الاعتداء الصهيوني على قنصليتها في دمشق انها لا تستخدم قوى المقاومة للدفاع عنها، وأن مواقفها مبدئية وصادقة مع نفسها وثابتة على السياسات التي أعلنتها في أوائل الثورة وحوَّلت سفارة العدو الصهيوني إلى سفارة لفلسطين، وأقلّ الوفاء لها أن نكون إلى جانبها في الكارثة التي تسبّبت باستشهاد فخامة رئيس الجمهورية آية الله السيد ابراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ورفاقهم، نسأل الله تعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته".